بقلم الدكتوره صفد عبد العزيز
سُنت الشرائع والدساتير لتنظيم حياة البشر وحماية حقوقهم وايجاد الحلول لمشاكلهم بما يضمن الحقوق، فكل مفاصل الحياة والمعاملات بين البشر لها حدودها واصولها ولعل من اهم المعاملات بين البشر هو الزواج ذلك الرابطة المؤطرة بالقدسية الدينية ،والتي وُضِعت لها القوانين والتشريعات المهمة لتنظيمها . فالزواج وديمومة الحياة الزوجية ،وبناء الاسرة هي اصل التشريع والاساس في وضع القوانين , الا ان هذه الرابطة قد تعتريها المعوقات في حالات استثنائية ،بسبب الكثير من المشاكل التي تؤدي الى استحالة استمرار الزواج يصبح استمراره حالة ميؤوس منها. وهنا ظهرت الحاجة الى تشريعات وقوانين تنظم حالة الانفصال التي تحصل بين الزوجين ،وضمان حقوق الزوجين بعد الانفصال ، فالانفصال او الطلاق بين الزوجين اصبح ضرورة حتمية والطلاق وفق الشريعة الاسلامية يتم بثلاث طرق : 1- الطلاق من الزوج هو الطلاق الذي يتم برغبة الزوج و يكون اما رجعي او بائن حسب ظروف الطلاق. 2- الطلاق الذي يتم برغبة الطرفين ويسمى بطلاق المبارأة وهو الطلاق الناتج اتفاق بين الطرفين . 3- الطلاق الذي يتم برغبة الزوجة وهو الخلع ويحصل ببذل الزوجة لمهرها لتخلص نفسها من قيد الزوجية . وطلاق الخلع هو الطريق الذي تسلكه الزوجة عندما تنقطع السبل لاستمرارية ذلك الزواج فممكن ان يقع الطلاق الذي وضعه الشرع بيد الزوج , أو بالاتفاق بين المرأة والرجل فيتم بالمبارأة والانفصال بينهما, أما في حالة عدم قبول الزوج الطلاق لأي سبب من الاسباب سواء بحسن النية أو ضراراً فقد اجاز الشرع للمرأة ان تنفصل عن زوجها وتحل ربط الزواج المقدس عن طريق طلاق الخلع "اذا استوفى الشروط" . وهنا ممكن ان نشير الى ما تضمنت المادة 46 من قانون الاحوال الشخصية النافذ رقم188 لسنة 1959 المعدل والتي استمدت مادتها من الشريعة الاسلامية حيث تناولت موضوع طلاق الخلع, فهل اعطى هذا القانون فرص متكافئة للزوجة مع الزوج في الطلاق ؟ تنص المادة 46 على : 1- الخلع ازالة قيد الزواج بلفظ الخلع او ما في معناه وينعقد بإيجاب وقبول امام القاضي مع مراعاة أحكام المادة التاسعة والثلاثون ن هذا القانون . 2- يشترط لصحة الخلع ان يكون الزوج اهلا لإيقاع الطلاق وان تكون الزوجة محلا له ويقع بالخلع طلاق بائن 3- للزوج ان يخالع زوجته على عوض اكثر أو اقل من مهرها .
ولو نظرنا الى فقرات القانون سنلاحظ ان الفقرة الاولى تؤهل الزوجة ان ترفع قضية للطلاق وان تخلع الزوج وبهذا مكن القانون المرأة من حق التفريق وانهاء عقد الزواج , الا ان المثير للجدل هو ما نراه في الفقرتين الثانية والثالثة وسنأخذ أولا الفقرة الثالثة فإن من حق الزوج طلب عوض مادي عن الطلاق اكثر من المهر , أي انه بالإضافة الى ان الزوجة قد تنازلت عن حقها في المهر يحق للزوج ان يطلب أكثر من مهرها كبديل لموافقته على الخلع , ان الخلع هو السبيل الذي تتخذه المرأة بعد ان تنقطع بها السبل لاستمرار الحياة مع زوجها بغض النظر عن الاسباب ,فهل من الحكمة ان يجيز القانون للزوج ان يبتز زوجته بطلب مبلغ منها كبديل عن الطلاق ؟ أما الفقرة الثانية فهي الاكثر استفهامية والتي تشترط ان يكون الزوج المخلوع اهلا لإيقاع الطلاق وعند شرح هذه الفقرة من قبل المختصين تبين ان شرحها ما يلي : " أتفق الفقهاء لصحة الخلع ، أن يكون الزوج أهلا له ، أذ يقع بالخلع طلاق بائن فيجب أن يكون الزوج بالغا ، عاقلا ، لا صغيرا ولا مجنونا ولا معتوها ولا مكرها وألا يكون فاقد التمييز لغضب أو كبر أو مرض أو مصيبة مفاجئة أو مريضا ، مرض الموت أوفي حالة يغلب مثلها الهلاك " اذ كيف يشترط بالخلع الاهلية للطلاق أما كان الاوجب ان يكون الطلاق قائما بالفعل بسبب فقد الزوج للأهلية ففقدانه لذلك قد اسقط عنه الواجبات الشرعية والعبادات فكيف لا يسقط عنه عقد الزواج فما ذنب من ابتلت بزوج فقد الاهلية بعد الزواج ؟ هل يتركها المشرع كالمعلقة والتي نهى الشرع من ان تترك المرأة كالمعلقة , فالحنابلة أوجزوا بصحة الخلع من المميز كما يصح منه الطلاق والحنفية يجيزون طلاق الهازل والمكره .أما الشافعية والمالكية فيوافقون الأحناف في طلاق الهازل واتفقوا على صحة الخلع من السفيه ، ألا أن بدل المخالعة يسلم لوليه ولا يصح تسليمه له . ومن هنا نرى ان من واجب المشرع ان يعيد النظر في هاتين المسألتين بما يتناسب وحقوق الانسان وكذلك ما تنص عليه اتفاقية سيدا و بإعطاء الحق للمرأة في فسخ قيد الزواج بإرادتها شأنها شأن الرجل
Comments